عين على الوطن | العدد 12 | 15/11/2015

أعلن وزيرا خارجية روسيا وأميركا، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، التوصل إلى جملة من التفاهمات خلال محادثات فيينا حول الأزمة السورية، في مقدمتها إجراء انتخابات في سوريا خلال 18 شهرًا وفق دستور جديد.

وقال وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف إنه تم التوصل إلى» خطوات أساسية لإطلاق حوار سياسي قبل كانون الثاني/يناير المقبل.« وأكّد لافروف عزم موسكو على المواصلة في العمل لتهيئة ظروف وقف إطلاق النار بموازاة العملية السياسية في سوريا، مشيرًا إلى أن السوريين أنفسهم هم من سيديرون الحوار السياسي، ومؤكّداً على الموقف الروسي في أن مصير الأسد يحدده السوريون.  وأبلغ لافروف، الذي أعتبر أن قرارات اجتماع فيينا تتفق مع مقررات «جنيف »-1 ، دي ميستورا بتشكيلة الوفد الذي سيمثل الحكومة السورية في المباحثات القادمة مع المعارضة. وأعلن عن توّجه باده للعمل مع الأردن على قائمة موحدة بأسماء المنظمات »الإرهابية«، يتم رفعها لاحقاً إلى مجلس الأمن الدولي للمصادقة عليها

من جهته، قال وزير الخارجية الأميركية جون كيري، إن وقف إطلاق النار في سوريا سيكون بضمانة الدول الداعمة للأطراف المتحاربة، وأنه لن يشمل تنظيم »داعش« و»جبهة النصرة«، لكن كل ذلك سيكون مرتبطاً بتوافق المعارضة والنظام خلال جولة المفاوضات والاتفاق الذي سيتم بينهما على المرحلة الانتقالية. وأشار إلى أن الوفد المعارض لن يتدخل في تشكيلته أي أحد، وسيكون من اختيار المعارضة السورية. وأضاف »الأسد غير مناسب لقيادة سوريا وهو يردد الأكاذيب على شعبه«، واتهم الأسد بأنه أبرم اتفاقات مع داعش وهو يتاجر في النفط معهم«، كما أن النظام السوري مسؤول بشكل كبير عن ظهور داعش وتوسيع عملياته ونفوذه، الأمر الذي رد عليه لافروف على الفور بالقول» الأنباء عن تجارة النفط بين داعش والأسد إشاعات«، ورفض »تحميل الأسد مسؤولية خلق داعش والتنظيم موجود منذ 10 سنوات«.

أما المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، فقال إنه «يجب البدء في العملية السياسية في أسرع وقت للتوصل لوقف إطاق نار.. سنبدأ العمل فوراً بمجرد الانتهاء من تشكيل وفد المعارضة السورية ». وأضاف «الحكومة السورية شكلت وفدها للحوار مع المعارضة. الأمم المتحدة جاهزة لرعاية المفاوضات بين السوريين »، فيما أعلن الائتلاف السوري في موقف مقتضب، ترحيبه بالاتفاق معتبرًا أن «نقاط الاتفاق في فيينا خطوة ايجابية »

وكان اجتماع فيينا لبحث حل سياسي للأزمة السورية، قد انطلق السبت، بُعيد الهجمات الإرهابية التي ضربت العاصمة الفرنسية باريس، مساء يوم الجمعة. الاجتماع الذي كان من المقرر أن تقدّم الدول خلاله قوائم «الجماعات الإرهابية »، أخذ اتجاهاً جديداً بعد الأحداث الدموية التي شهدتها فرنسا، حيث غاب أي ذكر للأسد عن التصريحات الأولى الصادرة عن المشاركين في الاجتماع، بعدما كان مصير الأسد محور الخاف بين الدول في اجتماع فيينا الأول قبل 15 يوماً

وقالت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيدريكا موغيريني، إن اجتماع فيينا «يأخذ معنى آخر » بعد الهجمات في باريس، معتبرة أن الدول المجتمعة كلها عانت من «الألم والرعب والصدمة نفسها » خال الأسابيع الماضية، مشيرة إلى كل من فرنسا، ولبنان، وروسيا، وتركيا، ومصر، فيما كان أول موقف فرنسي من فيينا لوزير خارجيتها لوران فابيوس، الذي قال إن أحد أهداف الاجتماع هو «تعزيز التنسيق الدولي في مجال مكافحة داعش .»

وعلى الرغم من اختلاف الأولويات بين الدول الرئيسية المشاركة، حيث سعت موسكو وحلفائها للتركيز على موضوع محاربة «التنظيمات الإرهابية »، في حين سعت دول أخرى للعودة إلى وضع خطة زمنية لمرحلتي التفاوض والانتقال السياسي في سوريا، إلا أن موضوع الإرهاب فرض نفسه بقوة على المجتمعين عقب هجمات باريس. وأعرب وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف عن أمله في أن يساعد لقاء فيينا على الدفع في التوصل إلى اتفاق لمحاربة الإرهاب. وقال لافروف، بعيد اجتماع مع نظيره الأمير  كي جون كيري، السبت، إن «الرئيس بوتين أعرب عن تضامنه مع الشعب الفرنسي، ونحن لا ننسى الهجمات الإرهابية في العراق وبيروت التي ذهبت بأرواح كثيرين. لا يمكننا أن نكون متسامحين مع الإرهابيين، ولا يجب أن يكون هناك أي تبرير لتصرفات الدولة الإسلامية وجبهة النصرة »، فيما وصف وزير الخارجية الأميركية جون كيري، الهجمات التي شهدتها باريس بأنها «مزيج من عقلية العصور الوسطى والفاشية المعاصرة .»

في إطار آخر، قرّرت روسيا مقاطعة لجان العمل الثلاث الخاصة بالأزمة السورية، والتي كانت واشنطن قد وجهت الدعوة إلى دول مختارة للمشاركة بها، بسبب خلافات مع واشنطن، وانقسام المشاركين حول قائمتي «التنظيمات الإرهابية » والمعارضة السورية. كما انسحبت إيران من إحدى لجان العمل الثلاث، والتي يتعلق اثنان منها بالاتفاق على قوائم موحدة ل »الجماعات الإرهابية ،» والمعارضة الشرعية، بينما تبحث الثالثة، التي انسحبت u1605 منها إيران، موضوع الممرات الإنسانية وحماية المدنين، على خلفية مطالبة بعض المشاركين بوضع برنامج لانسحاب جميع المقاتلين الأجانب، بمن فيهم فصائل موالية لإيران، من سوريا.

وأشارت مصادر المجتمعين إلى الاتفاق على قائمة مساعدات إنسانية وطبية وغذائية لإدخالها إلى المناطق المحاصرة في غوطة دمشق الشرقية، وقرى في ريفي حلب وإدلب، لكن غياب الوفدين الروسي والإيراني عن الاجتماعات عقّد الموقف بسبب غياب أي وسيلة للضغط على النظام.

وفي الشق العسكري، تنقسم الدول حول اعتبار حركة «أحرار الشام الإسلامية » كتنظيم متطرف أو فصيل إسلامي معارض، حيث تتشدد دول إقليمية في اعتبار أن الحركة «غيرت في نهجها وخطابها السياسي »، إلى جانب «جبهة النصرة ،» التي تصر بعض الدول الإقليمية أيضاً على ضرورة التمييز بينها ك «تنظيم وأفراد ». وتؤكد تلك الدول المشاركة في مباحثات فيينا على ضرورة التعاطي مع فصائل «إسلامية » بهدف إعطاء شرعية لأي حل سياسي من الممكن التوصل إليه، إضافة إلى اتهام موسكو بمحاربة الفصائل المعتدلة. وفي هذا السياق قال وزير الخارجية البريطانية فيليب هاموند، إن «بعض الدول قد تضطر إلى التخلي عن دعم حلفائها على الأرض .»

ومن المقرر أن تُشكّل لجنتان من الأسماء التي يتم التوافق عليها، للتفاوض مع الحكومة السورية بموضوعي الأمن والإصلاح السياسي، على أن يكون عملهما تحت إشراف مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، وأن تحلّا مكان اللجان الأربع، التي اقترحها دي ميستورا في وقت سابق، مع إعطائها دوراً إشرافياً بهدف المساعدة.

من جهة ثانية، شهدت فيينا اجتماعاً موسعاً بين رئيس الائتلاف السوري والوفد المرفق له مع وزراء خارجية قطر والسعودية وتركيا. وتشير معلومات «المدن » إلى تمسك كل من فرنسا وتركيا وقطر ب »الدور القيادي والمحوري » للائتلاف السوري المعارض، على اعتبار أنه حصل على اعتراف أكثر من مئة دولة «كممثل للشعب السوري »، في الوقت الذي تسعى فيه دول أخرى، مثل مصر، إلى توسيع تمثيل المعارضة.

التعليقات

//