عين على الوطن | العدد 8 | 01 أيلول 2015

حنان محمود – ألمانيا

لم يستطع السوريّون في كافة أنحاء العالم غضّ النظر أو تجاهل فكرة اللجوء إلى أوروبا، خاصة أنّ في أوروبّا أصبحباب اللجوء مفتوحًا أمام كلّ سوريّ، دون النظر إلى موضوعه فيما إذا كان يستحق ذلك أم لا، وأصبحت فكرة تقديم طلب اللجوء في ألمانيا أو السويد أو غيرها من أولويات السوريين، حتى أنّها أصبحت تشكّل هدفًا أساسيّاً لا يمكن لسوريّ أينما كان إلا وأن يفكر به.

إيجابيّة “طلب اللجوء” :

لا يمكن لأحد أن ينكر ما تقدّمه أوروبّا للاجئين السوريين، خاصّة أنّ ظروف الحرب اليوم أعادت السوريّ إلى نقطة الصفر بعد أن كان قد توصّل إلى نتائج تساعده على العيش بهدوء واستقرار.

فبعد أن خسر المدنيّون في سوريّة أبسط حقوق العيش، المتمثلة بمنزل يحميهم حرّ الصيف وبرد الشتاء وجدوا في أوروبا خدمات اجتماعية متنوّعة تساعدهم على استعادة قواهم والشعور ببعض الاستقرار.

إلا أنّ ظاهرة “طلب اللجوء” هذه تحولت في الفترة الماضية إلى ظاهرة أشبه “بالعدوى” وبدأت تنتقل بين السوريين المتواجدين في دول اللجوء (مصر – الأردن – تركيّا – لبنان) دون دراسة كافية لهذا الأمر، وبالتالي يمكن أن تتولّد بعض السلبيّات نتيجة تفشّي هذه الظاهرة دون دراستها بشكل كامل.

استطلاع للرأي:

ربّما تكون أوروبّا اليوم “الحلّ الأمثل” للسوريّين ولكن خلال استطلع للرأي عملت “عين على الوطن” أنّ عددًا كبيرًا من السوريّين الذين غادروا بحياتهم للوصول إلى أوروبّا نادمون اليوم على ذلك، خاصّة أنّ المبالغ الماليّة التي يدفعها السوريّ بغية الوصول بطرق غير نظاميّة ترتفع في كثير من الأحيان رغم سوء طريقة النقل المتمثلة بقارب مطّاطيّ صغير، وعندما يجد اللاجئ نفسه في مخيّم متواضع يوفّر له احتياجاته اليوميّة، الأمر الذي يدفع المهاجر المغادر بحياته وماله للمقارنة بين سلبيّات وايجابيّات الفكرة، ولكن في الوقت الذي أصبح غير مناسب للتفكير إطلاقّا.

مفارقات عجيبة:

أكثر ما أصبح يثير الدهشة اليوم، هو وصول هذه الرغبة بطلب اللجوء للسوريين الحاصلين على إقامات منذ سنين طويلة في دول الخليج، حيث تحدّثت سيدة مقيمة في دولة الكويت منذ أكثر من عشر سنوات عن رغبتها الشديدة بمغادرة الكويت والتّوجه إلى أوروبا بغرض طلب اللجوء، عندما لم أستطع أن أخفي عجبي ودهشتي وسألتها عن السبب موضحة لها أنّ من يطلب اللجوء اليوم في أوروبّا لم يستطع أن يلجأ لدول الخليج بسبب رفض هذه البلاد استقباله، عدا عن ذلك تبقى المعيشة في دولة عربية أفضل من الانتقال إلى مجتمع بعيد كل البعد عن عاداتنا الاجتماعيّة، إلا أنّ جوابها كان يعتمد على التركيز على رغبة شديدة بطلب اللجوء دون الاكتراث لأي شيء آخر.

في الوقت نفسه كنت قد التقيت بسيّدة وصلت وعائلتها إلى أوروبّا بعد أن كانت مقيمة في الخليج، وبعد أن شرحت لي أسباب قدومها إلى أوروبّا قالت: “ظننت أنّ الوضع سيختلف بعد أن كنت أعيش حالة فظيعة من الملل والركود في الخليج، إلا أنّ أوروبّا لن توفّر لنا حياة جديدة كما يعتقدون” وأضافت: ” أوروبّا فقط تحمينا من القصف وتوفّر لنا ملجأً” مؤكدة أنّها لو بقيت مع أسرتها في الخليج كان الأمر سيفيدها أكثر.

وفي الحقيقة عملت أوروبّا على استقبال المهاجرين الواصلين إليها بطرق غير شرعية، وقدّمت لهم أكثر ما يمكن توقّعه في الوقت الذي رفضت فيه كافّة الدول العربية استقبالهم، ومنحهم إقامة مؤقّتة ريثما تهدأ أمور بلادهم، وشهدت الأيام القليلة الماضية تعديلانت في قانون الإقامة واللجوء في ألمانيا، حيث أصبح بإمكان الحاصلين على حق “الحماية الدولية” لم شمل أسرهم خلال فترة ثلاثة أشهر، دون الالتزام بالشروط السابقة والتي كانت تعتمد على وجود عمل وراتب شهريّ ومكان ملائم للسكن.

التعليقات

//