سوريتنا | العدد 217 | 15/11/2015

زليخة سالم
صحفية سورية مقيمة في دمشق

تحمل كلُّ دولة مشاركة في مؤتمر فيينا 2 قائمة بأسماء المعارضين المقبولين من قبلها للمشاركة بالعملية السياسية، وقائمة أخرى لتقييم الكتائب الإرهابية حسب وجهة نظرها، وأولوياتها في مواجهتها أو القضاء عليها. ومبادرات مختلفة للحل، ما يعني أنَّ مؤتمراتٍ لا نهاية لها ستعقد لاحقاً لهذا الغرض بسبب تباعد المواقف وتناقض أولوياتها.

يبدو للوهلة الأولى أنَّ الدبَّ الروسيَّ يأخذ زمام المبادرة على الأرض من خلال عملياته العسكرية وتوسيع قواعده في الساحل السوري، وسياسياً من خلال تسريب مبادرة للحلِّ سيطرحها في فيينا، يلتفُّ فيها على كل ما اتُّفِق عليه في فيينا 1، وخاصة في موضوع الانتخابات الرئاسية التي تريد روسيا بموجبها الاتفاق مع الحكومة السورية والمعارضة على بدء عملية إصلاحٍ دستوريٍّ تستغرق 18 شهراً تتبعها انتخابات رئاسية.

تسريبات مسوَّدة البيان الختامي لمؤتمر فيينا 1 تضمنت تأكيد الدول المشاركة على إجراء انتخابات رئاسية بإدارة ورقابة الأمم المتحدة بشكل كاملٍ، ومشاركة كلِّ السوريين في الداخل والخارج، ما لبثت أن تغيرت في البيان الختامي إلى انتخابات برعاية الأمم المتحدة، الأمر الذي أظهر حجم الخلافات بين الدول المشاركة وتراجع الدول المؤيدة للمعارضة أمام الدول الداعمة لنظام الأسد.

وكشفت التسريبات الأولية حول الانتخابات رعب النظام ومواليه من مثل هذا الإجراء، وعدم اعترافهم بالآخر، وتحريفهم لما جاء في البيان، لأنَّ أيةَ انتخابات حرَّة ونزيهة ستُسْقِطُ الأسدَ ونظامه، وستكشف التزييف الذي كان يجري سابقاً، وهو ما عبرت عنه جريدة الوطن الموالية للنظام بقولها في البيان: «إنَّ الفقرة التي تقرُّ حقَّ وحرِّيَّةَ السوريين في تقرير مصيرهم دون تدَخُّلٍ وإملاءٍ خارجيٍّ، تتضمن في الباطن الكثيرَ من التدخل الخارجي، وخاصة تجاه تعيين معارضين مموَّلين غربياً وتابعين، من أجل إطلاق عملية التفاوض التي ستؤدي في نهاية المطاف، وفقاً للبيان ذاته، إلى حكومة وحدة وطنية تعمل على صياغة دستور جديد للبلاد، والتحضير لعمليات انتخابية، وهذا من شأنه وهدفه إخراج موضوع قيادة سورية ورئاستها من التداول السياسي في عواصم الغرب، وحصره بيد السوريين المؤهلين وحدهم لاختيار قادتهم، وشكل الدولة التي يتطلعون إليها، والدستور الذي يناسبهم.

التدخل الخارجي لن يتوقف عند موضوع تعيين المعارضة، أو جزء كبير منها، والتي ستفاوض وربما تدخل في تشكيل الحكومة الجديدة، بل تجاوز ذلك من حيث السماح للسوريين اللاجئين بالمشاركة في عملية الانتخاب وهم معرَّضون لكل أنواع الابتزاز الماديِّ والمعنوي وحتى الإداري، الأمر الذي تمَّ فرضه في فيينا ليستغله أعداءُ سورية لكسب الأصوات والتدخل بشكل غير مباشر في صياغة مستقبل البلاد».

جريدة الوطن المعروف تبعيتها للمخابرات السورية وتتكلم بلسانهم، تتحدَّث عن التدخل الخارجي وأرضُ سورية وسماؤها مستباحةٌ من الاحتلال الروسي والإيراني والميليشيات العراقية واللبنانية، ومن كلِّ من هبَّ ودبَّ من الجنسيات التي استأجروها للقتال معهم، ويرفضون مشاركة اللاجئين الذين هجرهم نظامهم في حلٍّ مستقبليٍّ في بلادهم بحجج واهية وقذرة، وهذا ليس بجديد عليهم.

موضوع الانتخابات لم يكن الوحيد الذي ظهر في البيان الختامي مناقضاً للتسريبات عن مشروع البيان، بل طال كلَّ بنوده، وفي مقدمته موضوع الإرهاب الذي يحظى بإجماع الدول المشاركة مع اختلاف تقييم جهاته، ولا يعترفون بأن الأسد ونظامه هم زعامات الإرهاب، واتفقوا فقط على وحدة سورية وعلمانيتها.

لا أحد يبدي تفاؤلاً في مسار فيينا 2 من الفاعلين الأساسيين، والتصريحات المكرَّرة والعلنية لبوتين بأنه ليس من حقِّ روسيا تقرير مصير الأسد، وأنه ينسق مع الجيش الحرِّ فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب، لا تعكس حقيقة الموقف أو التفاهمات تحت الطاولة التي تجري بشكل متسارع، وخاصة مع الدول الخليجية التي تعلن موقفاً صريحاً وواضحاً ضدَّ بقاء الأسد، ومشاركته بأي عملية سياسية مستقبلية.

مع توسيع قاعدة المشاركة في المؤتمر وكثرة المبادرات وتناقضها سنرى ما ستسفر عنه ربما في فيينا 100.

التعليقات

//