الحدث | العدد 1 | 1 نيسان 2016

خرج المشهد العسكري في معركة تدمر الأخيرة عن المألوف وذلك لمشاركة الطائرات الأمريكية ولأول مرة علنا في الحرب على تنظيم الدولة جنبا الى جنب مع قوات الأسد والقوات الروسية والميليشيات الشيعية الحليفة.
ما خلط الأوراق رأسا على عقب لجهة التدخل الامريكي المباشر برفقة قوات الاسد لعدة أسباب.
أهمها أن الولايات المتحدة أعلنت مرارا وتكرارا فقدان الأسد للشرعية وعليه فان الأخير عليه الرحيل ووصل الأمر بها أي الولايات المتحدة الى اتهامه المباشر لأكثر من مرة وعلى لسان أكثر من مسؤول بأنه مصدر الارهاب الأول لكل ما يجري على الأرض السورية والمنطقة.
التغيير الكبير في الموقف الأمريكي الملتبس أصلا تجاه الثورة السورية منذ بدايتها تجلى الآن أكثر وضوحا لصالح الموقف الروسي الداعم للأسد ونظامه وخاصة بعد الموقف الأخير للدولتين روسيا والولايات المتحدة باستبعاد شرط المعارضة بتنحي الاسد لبدأ المفاوضات.
ما يعني ضمنا اعادة انتاج نظام الأسد من جديد مع تغيير شكلي يرضي بشكل او بآخر المعارضة والدول الداعمة لها تحت الضغط العسكري والسياسي.

سبق معركة تدمر تدخل روسي مباشر على مدار خمسة أشهر فرض واقع جديد على الأرض لصالح النظام ولكنه لم يكن كافيا لإعادة تسويق النظام أمام العالم من جديد والذي لم يعد يعنيه بقاء النظام من عدمه طالما أن العدو الأول والخطر المحدق بشعوبهم وبلدانهم هو تنظيم الدولة الذي طالت عملياته واجرامه شوارع أوروبا ولأكثر من مرة ليكون آخرها تفجيرات بروكسل التي اودت بالكثير من الضحايا، والتي تزامنت مع معركة تحرير تدمر من قبل قوات النظام وحلفائه التقليديين والجدد أقله في هذه المعركة ليضع الأحداث وتوقيتها في مفارقة ملتبسة وعجيبة في نظام خبر على مدار سنوات حكمه عمليات مثل هذا النوع ومن ثم حصد نتائجها، فما بالك بوجود نظام أمني بقيادة بوتين في روسيا ونظام ولاية الفقيه في ايران وباع الحليفين بتلك الأنشطة وجني ثمارها ،ومن ثم تحميل الضحية تبعات ما حصل.

معركة تدمر كانت الورقة التي يجب أن يلعبها النظام وحليفيه من جديد وبمشاركة ومباركة أمريكية هذه المرة لكي يقول للعالم المذعور من بطش تنظيم الدولة واجرامه
بأنني المؤهل الأجدر والوحيد لمكافحة الارهاب بل والقضاء عليه. وسجله الحافل بما يدعي في مكافحة الارهاب وتقديم المعلومات حقيقة لا ينكرها الا جاحد فكيف بمن رآها وعايشها عيانا.
المشهد الدولي وعلى طول الخط بين الد ول دائمة العضوية الولايات المتحدة وروسيا والصين أصبحت ضمنا مع بقاء الأسد في هذه المرحلة على رأس الحكم، باستثناء فرنسا والمملكة المتحدة والتي كانت تراوح بموقفها تجاه الأسد وهي بكل الأحوال ليست لاعب مؤثر ورئيسي في المشهد السوري ولكن كان لابد من تليين موقفها واخراجه من حالة المراوحة لصالح الموقف الروسي أو تحييده ريثما يتم الترتيب السوري الجديد لصالح الأسد ونظامه والذي على ما يبدو من الصعب أو المستحيل ايجاد حليف يضمن المصالح الروسية والأمريكية والاسرائيلية والتي هي بيت القصيد كنظام الأسد مهما حاول الآخرون تقديم التنازلات لأن البنية العقدية لنظام الأسد ودائرته المحيطة حتى حدود الطائفة بأكملها بما في ذلك حلفائه من ملالي طهران هي المؤهل الحقيقي والمؤتمن لحمل مثل ذلك مهمات ليس لأنها مكلفة بذلك بل هو عين ما تريد.
في الوقت الذي يبدو أن حلفاء المعارضة التي كانت تقودهم واشنطن كذبا وزورا وتقف حائلا بوجه أي مبادرة لتسليح المعارضة ظهر نفاقها جليا وواضحا ومن الصعب اخفاءه عمن يفهم أبجديات السياسة فكيف بمن خبرها. ليتبقى كل من تركيا والسعودية والذي على ما يبدو أن روسيا استطاعت بدهاء بوتين الالتفاف على التحالف الاسلامي الأخير ورعد الشمال وتفويت الفرصة على السعودية التي كانت تتهيأ للدخول للساحة السورية بحجة محاربة تنظيم الدولة والذي أصبح الرهان الرابح لكل من يريد اثبات وجوده وتحقيق مكاسب على الأرض واللعب على الساحة الاقليمية والدولية بمقدار ما يحقق من مكاسب على الأرض السورية
الحقيقة التي وصلت للمعارضة وداعميها بأن نظام الأسد لم يعد كما كان عليه قبل التدخل الروسي الأخير، ومعركة تدمر التي فرضت واقعا جديدا لأنها كانت مخصصة ضد الارهاب او هكذا تم تصويرها بسيناريو كان معد سلفا على ما يبدو.

في وقت لم يعد فيها للمعارضة الكثير من الأوراق لتلعبها، ا اللهم الا ان كانت هناك نية للحلفاء وقدرة بخرق ما على الأرض بتسليح يغير قواعد اللعبة الجديدة على الأرض أو انتظار خسارة المعركة والتسليم لنظام الأسد لأنهاء الجولة بالضربة القاضية.
أو دخول المنطقة برمتها أتون حرب مفتوحة لا يعلم نهايتها ومداها الا الله.

وضاح حاج يوسف
المركز الصحفي السوري

التعليقات

//